الخيمة والطيارة والمستشفى

حدثت هذه القصة في القرن العشرين في إحدى البلاد الآسيوية.

عاش هذا الشاب في أسرة متيسرة ماديًا تمتلك حقولاً، وكانت أسرة غير مسيحية، وكانت الأم متدينة وتعلم أولادها أن يحبوا الآخرين، فمن لا يحب من حوله هو حيوان وليس ‏إنسان.

التحق هذا الشاب بالجيش لتأدية الخدمة العسكرية، وكانت بلاده تتعرض في هذا الوقت لغارات من الأعداء، فرأى الموت بعينيه، خاصة في إحدى المرات عندما بدأت غارة وحاول هو والجنود الذين معه الالتجاء إلى خندق ليحتموا فيه، ولكن الضابط المسئول عنهم قال لهم:

  • “أسرعوا لندخل هذه الخيمة والله سينقذنا”.

فدخلوا الخيمة وقال الضابط، وكان مسيحيًا:

  • “إني سأصلي إلى إلهي وربي يسوع المسيح وهو سينقذنا، وأنا أعرف أنكم لا تؤمنون به، ولكن تريدون أن تخلصوا فقط من الموت، فبعد صلاتي قولوا فقط آمين، لينقذنا الله”. 

‏وقف الضابط في الخيمه ليصلي وسط أصوات القنابل القريبة جدًا منهم، وكانت صلاته بسيطة ولكن من القلب، طلب فيها من المسيح أن يظهر ذاته ويعلن قوته أمام كل الموجودين في الخيمة، وينقذهم جميعًا من الموت. وبعد صلاته قال الكل: “آمين”، في خوف من الموت وتعلق بالحياة بمعونة هذه الصلاة. 

‏بعد الغارة خرجوا من الخيمة ليلاحظوا أن كل شيء حولهم قد تدمر، والوحدة التي بجوارهم تم تدميرها تمامًا.

أخذ يفكر هذا الشاب في صلاة الضابط المسيحي التي كانت بإمان وبساطة، وظهرت قوتها، وأخذ التساؤل في داخله يزداد: من هو هذا الإله العظيم القادر أن ينقذ من يؤمن به من الموت؟  

‏أنهى هذا الشاب فترة التجنيد، وبعدها التحق بعمل وهو إصلاح الطائرات، فعمل  كميكانيكي وتدرَّب في هذا المجال.

كان الشاب يصلح إحدى الطائرات، وبعد إصلاحها تلقى أمرًا مباشرًا باختبار الطائرة، فركب فيها مع زملائه لمدة نصف ساعة تقريبًا، وبعد ارتفاع ‏الطائرة في الهواء حدث خلل في أجهزة الطائرة واندلعت النيران داخلها، وأصابت هذا الشاب بحروق بالغة وفقد وعيه.  

‏أفاق هذا الشاب وجد نفسه نائمًا في مستشفي، وسمع ممرضتين تتناقشان مع أحد الأطباء وهما لا تعلمان أنه قد أفاق من غيبوبته، وقالا للطبيب:

  • “إن هذا الشاب محتاج أن يُنقَل إلى جناح الضباط لأن حالته خطيرة”.

فرفض الطبيب لأنه ليس ضابطًا ولكنهما قالا له إن حالته تحتاج لعناية خاصة، ولكن أصر الطبيب على موقفه. 

‏إستطاعت هاتان الممرضتان أن تنقلا الشاب إلى جناح الممرضات لينال رعاية خاصة، وأظهرتا اهتمامًا كبيرًا به وبدأت حالته تتحسن. 

أخذ الشاب يفكر كيف نجا من حادث الطائرة وشكر لله الذي أنقذه، وكان يتابع بتعجب اهتمام الممرضتين به والذي استمر حتى تم شفاؤه وسمحت له المستشفى بالخروج. 

‏قبل خروجه سأل الممرضتبن بتعجب، وهو يشكرهما على عنايتهما التي أنقذت حياته، وقال لهما:

  • “لماذا كل هذا الاهتمام الذي تقدمانه لشخص لا تعرفانه، حتى إنكما تحاولا توفير الرعاية الخاصة ضد قوانين المستشفى التي لا تسمح لي بالدخول في هذا المكان؟”

  • “إننا نفعل هذا من أجل إنقاذ حياتك، وقد علمنا المسيح الذي مات لأجلنا أن نحب كل إنسان ونبذل من أجله بكل طاقتنا”. 

خرج الشاب وهو في ذهول من هذا الحب العجيب وهو يفكر في إيمان الضابط المسيحـي، ومحبة الممرضتين المسيحيتين. وأخذ يفكر مـن هو المسيـح؟ إنـه قـوي قـادرعلى كل شيء، ومُحِب أكثر مما يتصور العقل، وظللت هذه الأفكار تدور في داخله ‏وتغير في حياته حتى اجتذبته إلى الحياة الجديدة مع الله. 

إن الله يحبك ويريد أن ينقذك من كل خطر مهما كان قريبًا منك. إنه قادر أن يحفظك إن آمنت به والتجأت إليه وطلبته من كل قلبك.

إنه يحبك، ويحرك الناس لمساعدتك، ويُظهِر حنانه بأشكال كثيرة فيجتذب قلبك إلى محبته فتحيا له. إن الحب هو أقوى لغة تؤثر فيك وفي كل البشر، فاشكر الله على محبته، وتحرك بالحب نحو كل إنسان من أجل الله.

تدبيرك فاق العقول: الجزء السابع.

اية للحفظ

“أنا أسير قدامك والهضاب أمهد. أكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد أقصف” (أش ٤٥ : ٢)