مبارك الآتي باسم الرب!
سمع أريانا والي أنصنا (ملوي) بصعيد مصر عن الأنبا أمونيوس أسقف إسنا، كيف حوَّل المدينة كما إلى كنيسة ملتهبة بالروح، وأشعل قلب كل مواطن بحب إله السماء. كان قلب أريانا يحترق بنار الغيظ، فإنه لا يطيق إسم السيد المسيح، واضعًا في قلبه أن يكرس كل طاقاته وإمكانياته لمقاومة الكنيسة، وإبادة المسيحية.
إتجه أريانا بجنده نحو الجنوب، وإذ دخل المدينة من بابها البحري (الشمالي) شمر كل جندي عن ساعده ليقتل من يلتقي به، فوجدوا المدينة كلها قد فرغت تمامًا من الكهنة والشمامسة والشعب. لم يجدوا شيخًا ولا طفلاً، ولا رجلاً أو سيدة، ولا شابًا أو شابة!
ساروا حتى بلغوا الباب القبلي (الجنوبي)، فوجدوا سيدة عجوز بجوار الباب. سألها الوالي عن الشعب مع الكهنة فأجابته:
+ لقد ذهبوا إلى دير القديس اسحق ليصلوا مع أبينا الأسقف أمونيوس.
+ ألعلّهم سمعوا عن قدومي فخافوا وهربوا!
+ لقد سمعوا عن قدومك ففرحوا وتهللوا.
+ ماذا تقولين؟
+ لقد فرحوا، فإن مجيئك مبهج للغاية. إنهم مشتاقون نحو العبور إلى السيد المسيح.
+ ألا يخافوا من القتل؟
+ من يعرف السيد المسيح يشتاق إلى العبور إليه.
+ ألا يخافوا من التعذيب؟
+ أي تعذيب؟! إنهم بهذا يشتركون مع سيدي يسوع المسيح في آلامه، ويعلنون عن حبهم له أكثر فأكثر!
إغتاظ الوالي جدًا، وإذ رأى جرأة هذه العجوز طلب منها أن ترشده عن طريق الدير، ثم أمر بقتلها، ففرحت وسلمت رقبتها للجند كمن ينال مكافأة عظيمة.
إنطلق الجند نحو الجنوب إلى دير مار إسحق، وإذ رأى الشعب الجند قادمين يحملون السيوف خرجوا لاستقبالهم بفرح شديد. رأوا السيد المسيح قادمًا وسط ملائكته يمنحهم بركة اللقاء معه، فكانوا يصرخون قائلين: “مبارك الآتي باسم الرب… أوصنا في الأعالي.”
دهش إريانا لهذه الروح العجيبة، فأمر بقتل جميع المسيحيين ولم يبقَ منهم أحد سوى الأب الأسقف الذي قيده وقاده إلى أنصنا ليعذبه!
قصة واقعية من كتاب: “قصص قصيرة للفتيان.
مش ممكن أنساكِ
عاشت هذه السيدة مع زوجها العامل بإحدى الحِرَف ومعهما طفلهما الوحيد، في حياة متوسطة تميل إلى الفقر أكثر من الغنى، ولكنها كانت تشكر الله الذي أحبته، إذ كانت مرتبطة بالكنيسة وأسرارها وتعودت أن تلتجئ إلى الله كل يوم وتكلمه كأب وصديق.
مرَّت الأيام هادئة والطفل يكبر حتى صار فتى، ولم يفلح في دراسته لذا لم يكملها. حاول والده أن يجد له عملاً ولكنه لم يلتزم به، فقد كان مدللاً إلى حد ما وغير متحمل للمسئولية، وظل هكذا حتى صار شابًا.
إستمر الأب يعمل في عمله وعاش في سلام مع زوجته، ولكن كانت مشكلتهما هي هذا الإبن الوحيد الذي لا يلتزم بعمله.
حدث ما لم يكن متوقعًا، وهو موت الأب العائل الوحيد للأِسرة ليترك وراءه أرملة عجوز وابن لا يُعتَمَد عليه.
حاول الإبن أن يعمل بتشجيع أمه، ولكن لم يتحسن إلا قليلاً مما عرَّض هذه الأسرة لفقر شديد، فكانوا يحصلون على قُوتَهُم الضروري بصعوبة، لأن هذا الإبن صار هو المورد الوحيد للأسرة إذ كانت الأرملة العجوز غير قادرة على العمل.
إزدادت الضيقة المالية في إحدى المرات بسبب بقاء هذا الإبن فترة طويلة بدون عمل، وفرغ البيت من أي طعام. حاولت الأم أن تحصل على مال بأي شكل ولم تجد، وحاولت أيضًا البحث عن أي عمل بسيط يقوتها ولم تجد. فجلست في بيتها تصلي في دموع وتطلب معونة الله الذي لم يتركها طوال حياتها، وقد عبر بها خلال ضيقات كثيرة سابقة.
بعد ذلك جلست في جوع لا تعرف ماذا تفعل، ومرَّت الساعات ثقيلة وجسمها الضعيف يتخاذل تدريجيًا من الجوع، وهي تصلي “يارب ارحم … يارب انقذني لأن ليس لي سواك”.
سمعت طرقًا على الباب، فقامت ببطء وهي تترنح لتفتحه، فوجدت رجلين واقفين أمامها ويقولان لها أننا أصحاب المحل الذي تحت شقتك، ونعرض عليكِ عرضًا وهو أننا محتاجين لشرفة منزلك التي فوق محلنا لتكون مخزنًا لبضائعنا، وكذلك محتاجين أن نعلق يافطة كبيرة للمحل على شرفتك، ونقدم مقابل استغلال هذه الشرفة وحرمانك من الاستفادة منها مبلغ خمسمائة جنيه أول كل شهر.
كانت المفاجأة فوق توقع هذه الأرملة العجوز … إنها استجابة الله التي تعلو فوق كل ما طَلَبتهُ أو فَكَّرَت فيه … فوافقت في الحال وأعطياها مائة جنيه كعربون لإعداد الشرفة في اليوم التالي.
وقفت الأرملة أمام الله في صلاة انسكبت فيها دموعها قبل كلامها، لتشكره على حل مشكلتها، ليس بأن تجد طعام اليوم ولكن طوال عمرها. إنه الله الحنون والأب الذي لا يمكن أن ينسى أولاده ويتجلى عمله بأكثر وضوح في الضيقات الصعبة.
قصة واقعية من الجزء الأول من كتاب: “اريد أن أرى الله”.
اية للحفظ
✝ “أيضًا كنت فتى وقد شخت ولم أرَ صديقًا تُخُلِي عنه ولا ذرية له تلتمس خبزًا” (مز37: 25)