اتجوزي ده

تميزت هذه الفتاة عن كل من حولها من سنها، بل ومن هم أكبر منها، إذ أحبت الله من كل قلبها. وظهر هذا في صلواتها الكثيرة ومحبتها للقراءة في الكتاب المقدس والتأمل فيه، وارتبطت بالكنيسة وأسرارها واجتماعاتها.

كانت هذه الفتاة تتمتع بسلام داخلي، وتؤمن بالله وتدبيره لحياتها، وتطلب إرشاد الله قبل كل عمل وأصبحت حياتها صلاة دائمة.

طلبت من الله أن يرسل لها الزوج المناسب الذي يساعدها على الارتباط بالكنيسة والتمتع بالعِشرة الإلهية، وكانت تُكثِر من الميطانيات لأجل هذا الأمر، حتى أتى هذا الصباح العجيب، إذ بعد صلواتها وميطانياتها فوجئت برؤيا عظيمة حيث وجدت حجرتها قد امتلأت من النور وظهر رب المجد ببهائه وباركها، وطمأنها أنه يرعاها ويدبر كل حياتها، وأخبرها أنه سيرسل لها شابًا يطلب الارتباط بها في هذا اليوم وأن تقبله لأنه هو الزوج المناسب لها.

بعد هذه الرؤيا فرحت جدًا وشكرت الله بصلاة طويلة، وأخبرت أهلها بما رأته، ففرحوا جميعًا. وفعلاً اتصل بهم في هذا اليوم من يريدون زيارتهم، وحضر شاب يتميز بالمنظر الوسيم ويشغل وظيفة هامة ومركز مرموق فأُعجِب الأهل به وأيضًا هذه الفتاة.

تم الزواج وكل القلوب في فرح، وواصلت الزوجة الجديدة حياتها مع الله في صلوات وتأملات كل يوم.

فوجئت الزوجة الجديدة بعد الزواج بقليل، أن زوجها العظيم سريع الغضب ويكثر في لومها ويوبخها بشدة على أخطائها، وإذا حاولت شرح أو تبرير تصرفاتها تمتد يده بالضرب والإهانات الكثيرة.

رغم قسوة الحياة، لكن لم تتشكك الزوجة في اختيار الله لها، بل زادت صلواتها طالبة معونة الله الذي كان يفيض عليها بسلامه ويعطيها صبرًا وقوة لاحتمال كل متاعب هذا الزوج.

كانت هذه الزوجة أمينة في رعايتها لزوجها وأبنائها الذين رزقها الله إياهم، بالإضافة إلى اهتمامها بكل شئون البيت. ولكن كل هذا كان يُعتَبر جهدًا صغيرًا بجوار احتمالها لغضب زوجها العنيف الذي يتكرر كثيرًا.

قَبِلت الزوجة كل الإهانات والضرب كشركة في صليب المسيح، فتعزى قلبها كثيرًا وشعرت بأصدقائها القديسين يساعدونها ويخففون عنها آلامها بأشكال مختلفة.

بعد أن قَضت هذه السيدة العظيمة حياتها في صلوات وميطانيات وجهاد كثير، مرضت مرضًا قليلاً. وفيما كانت راقدة على سريرها، وزوجها يجلس بجوارها، رأت السماء قد انفتحت ورأت رب المجد يظهر لها بمجده العظيم تحيط به ملائكته، وهو يبتسم لها ويشجعها، بل ويفتح أحضانه لها حتى تأتي إليه، فأمسكت بيد زوجها وأخذت تقبلها والزوج في حيرة شديدة لأن يده قد امتدت لها بالضرب والإهانة مرات كثيرة، ثم قالت له بصوت ضعيف:

“أشكرك يارب عشان بالإيد ديه هاخد كل هذا المجد العظيم”.

ثم أغمضت عينيها وارتفعت روحها إلى السماء لتتمتع بكل ما أعدَّ الله لها، عِوَض قبولها مشيئته والآلام التي احتملتها.

تأثر الزوج جدًا، وبكى بكاءً مريرًا أمام قداسة هذه الزوجة العظيمة، وأسرع إلى الكنيسة التي أهملها سنوات عديدة ليعترف ويتناول من الأسرار المقدسة، وتغيرت حياته وأعطى وقتًا طويلاً للصلاة والقراءة في الكتاب المقدس ليقتدي بزوجته، ويستعد للسماء كل يوم، بل انضم إلى خدمة الكنيسة وبذل الكثير فيها من أجل محبة الله.

لا تتعجب إذا كانت مشيئة الله تَحمل ضيقات لك، فوراء الضيقات يختبئ خلاص نفسك وأمجادك السماوية، فالله الذي يحبك يهتم بخلاصك بل وأيضًا خلاص كل من حولك.

ثق أن الله قادر أن يجعلك نور للعالم، وتأتي بالكثيرين إليه، حتى وسط آلامك ومعاناتك، فالله يحول كل شئ لخيرك ولخير من حولك. اثبت في محبته واطمئن دائمًا..

تدبيرك فاق العقول: الجزء السادس.

من فوق قوي

كان أحد الخدام يعمل صباحًا موظفًا في أحد البنوك، ثم يرجع إلى بيته وقت الظهر ليستريح قليلاً ويأكل طعام الغذاء، ثم يقضي كل وقته بعد الظهر حتى المساء في الخدمة والافتقاد.

وفجأة طلبه أحد مديري البنك ليعمل معه في إدارته، وكان الخادم يعرف هذا المدير ونظامه، فهو يضيع الوقت بالنهار حتى يعمل وقت إضافي حتى الساعة التاسعة مساءً ليأخذ أجر إضافي هو وموظفيه.

فكر الخادم في نفسه أنه لو تم نقله للعمل مع هذا المدير سيضطر لترك كل خدمته، فشكر المدير على ثقته فيه واعتذر بأدب قائلاً أنه مرتاح لعمله ولا يريد النقل.

أما هذا المدير فلم يسكت، بل دخل للمدير العام وأقنعه باحتياجه لهذا الموظف وأخذ موافقته، فذهب للخادم وأبلغه قائلاً: “أنا جبتها لك من فوق …. بكره تيجي تستلم شغلك الجديد”.

لم يكن أمام الخادم إلا الصلاة، وفعلاً صلى لله: “إنت عارف يارب إن وقتي كله للخدمة، ولكن سأضطر أسيب الخدمة بسبب السهر كل يوم في البنك …. إتصرف إنت يارب لأني مقدرش أعمل حاجة”.

ذهب الخادم في اليوم التالي ليستلم عمله الجديد، وفوجئ أن هناك منشور من وزير المالية بمنع السهر تمامًا في البنوك !!!

فرفع عينيه وقلبه بالشكر لله، فقد جاءت الاستجابة “من فوق …. من فوق قوي !!!”.

قصة واقعية من مجلة: صوت الراعي، عدد أغسطس 2006.

اية للحفظ

فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد تسلحوا أنتم أيضاً بهذه النية. فإن من تألم في الجسد كف عن الخطية (1بط4: 1)