المعتدي ينهار

مرَّ أحد الخدام بملعب الكنيسة، فوجد بعض الشباب يتصرفون تصرفات غير سليمة فعاتبهم، ولكنهم جاوبوه ببجاحة، فوبخهم على أفعالهم، فتطاول أحدهم واندفع ولطم الخادم على وجهه. وكان هذا الخادم أكبر سنًا من هؤلاء الشباب بكثير.

ترك الخادم هؤلاء الشباب وانصرف في الحال، ودخل الكنيسة. ظن هؤلاء الشبان أن الخادم دخل ليشتكيهم للكاهن الموجود في الكنيسة، وخافوا أن يحرمهم الكاهن من اللعب أو يعاقبهم بأي عقاب. فأسرعوا وراءه ليحاولوا تبرير أنفسهم حتى لا ينالوا عقابًا على سوء أفعالهم، وخاصة ضرب الخادم.

دخل الشبان إلى مكتب الكنيسة، فوجدوا الكاهن جالسًا ومعه أحد المعترفين ولم يجدوا خادمهم، فدخلوا الكنيسة من الباب الجانبي أي من المكتب، فوجدوا خادمهم الذي ضربوه راكعًا أمام الهيكل الجانبي يصلي.

فوقفوا وراءه في خجل شديد من أنفسهم، وقالوا نحن نهينه ونضربه وهو يصلي لأجلنا؟ وانهارت قواهم وشعروا أنهم غير محتملين محبته واحتماله.

استمر الخادم في صلاته، وكان يطلب من الله معونة، لأنه كان قد حضَّر درسًا عن الاحتمال وكان يحاول تطبيقه، فأتاه هذا الموقف الصعب، فشعر أثناء الصلاة بسلام وهدوء، وأن هذا الموقف تطبيق للدرس الذي سبق وأعده، وتذكر المسيح الذي لطمه الأشرار على وجهه.

كان الخادم يصلي ويقول: “يا رب إذا كنت قد احتملت لأجلي، فكيف لا أحتمل لأجلك؟”.

ثم قام في راحة، فإذ بهؤلاء الشبان يسرعون إليه، ويعتذرون له اعتذارًا شديدًا، ويطلبون أن يسامحهم، فطيَّب خاطرهم.

وتعلَّم الخادم درسًا في الاحتمال، وأيضًا الشبان تعلموا من خادمهم كيف يحتملون بعضهم بعضًا، وهكذا دون أن يتكلم نقل إليهم الخادم باحتماله درسًا في الاحتمال.

الاستعداد ليوم الخدمة.

شهيدة في إعدادي!

حَكَت إحدى البنات القصة التالية:

كنت أعيش في الخارج مع أهلي وأدرس أثناء المرحلة الإعدادية في مدرسة مختلطة: بنات وأولاد من شتى الجنسيات … أمريكان، إنجليز، هنود، عرب، مصريين … إلخ، وكانوا منفتحين جدًا لهم صداقات خاصة بين بعضهم البعض boyfriends & girlfriends .

كانوا يلقون نكات سخيفة لا أضحك عليها، يهزرون ويمرحون مع البعض بالأيدي. حاولوا معي كثيرًا أن أنضم إليهم في طريقهم، لكني كنت أرفض بأدب وابتسامة قائلة: “إني مبسوطة جدًا كما أنا”.

البعض قال لي إنني غريبة  weird والآخر قال لابد أن أهلي مرعبين جدًا لدرجة أنني لا أقدر أن أعيش على طبيعتي في المدرسة، حتى وأنا بعيدة عن أعينهم … وأشياء أخرى كثيرة.

وفي يوم دخل مدرس اللغة الإنجليزية وأعطانا قطعة إنشاء تتكلم عن أنظمة الأديرة في أوربا في القرن السادس عشر، وبينما هو يشرح الدرس قال: “طبعًا أنتم لا تفهمون شيئًا عما تقرأونه … أنتم لا تدركون كيف يمكن أن إنسانًا يحب الله كل هذا الحب فيترك العالم ويذهب إلى الدير … أنتم لا تفهمون لأنكم لم تروا من قبل إنسانًا يحب الله من كل قلبه”.

وهنا حدث ما لم أكن أتوقعه أبدًا، فلقد هاج الفصل كله مرة واحدة وهم يرددون فيما بينهم: “فلانة (أي أنا) تحب الله جدًا …. فليس لها boyfriend ولا تدع أحد يقول لها أي كلمة لا تليق، ولا تدع أحدًا من الأولاد حتى أن يلمسها … إنها تحب الله جدًا”.

شعرت بأن الدم ضرب في عروقي وأن وجهي كله يشع حرارة، وكادت دموعي أن تفر مني ولكنني تماسكت. وهنا سألني المدرس: “هل هذا صحيح؟”

  • أومأت بالإيجاب.
  • فسألني ثانية: “هل أنتِ مسيحية وتذهبين إلى الكنيسة؟”
  • فهززت رأسي ثانية.
  • فقال: “إن هذا يفسر كل شئ”.

عدت إلى منزلي وأنا أكاد أطير فرحًا … لقد شهدت للمسيح !! وأنا التي كنت أظن أنهم يعتقدون أنني مختلفة.

مــرَّت على هـذه الحادثــة سنـوات عديـدة، ولكننـي تعلمـت أن أولاد العالـم يمكـن أن يهزأوا بشخص، بينما في داخلهم يحترمونه جدًا ويقدرونه. وهم يسلكون هذا المسلك لأن الشخص المسيحي يكشف أخطاءهم واعوجاج حياتهم، فيغطون ضعف الشخصية ونقصها بكلامهم الجارح.

فياليتنا لا نخاف من الناس الذين حولنا، بل نعيش نشهد للمسيح بطهارة سلوكنا.

قصة من كتاب: “قصص قصيرة للفتيان”.

اية للحفظ

  • “فيقول له ما هذه الجروح في يديك فيقول هي التي جرحت بها في بيت أحبائي” (زك13: 6)