عاوز كباية شاي

قصتنا هذه مع إمرأة مُسِنة في السبعينات من عمرها، وهي عذراء لم تتزوج وتعيش وحدها في شقتها، وكان لها علاقة قوية مع الله فتحب الصلاة وقراءة الكتاب المقدس، ولكنها لم تكن قادرة على الذهاب إلى الكنيسة لضعفها الصحي، ولكن الكاهن كان يأتي لأخذ اعترافها ويناولها دائمًا، وكانت تفرح جدًا في يوم التناول وتُكثِر من الصلوات والشكر إلى الله.

لم تكن هذه المُسِنة غنية، ولكن الله أعطاها كفايتها، وكان قلبها ممتلئًا من المحبة نحو كل إنسان، وتتمنى أن تساعد كل محتاج.

في إحدى الليالي وهي جالسة في شقتها، التي تقع في الدور الأول من البيت، سمعت صوتًا عاليًا وشخص يوبخ أحدًا بقسوة وغضب، فخرجت إلى شرفة شقتها ونظرت إلى الشارع، فوجدت رجلاً مسنًا يستعطي من أحد المحلات التي في الشارع، ووجدت صاحب المحل يطرده بعنف، فأشفقت على الرجل المسن ونادت عليه ليقترب منها، وقالت له انتظر سأحضر لك شيئًا من الطعام لتأكل، لأن هذا الرجل كان يستعطف صاحب المحل ويقول له:

  • “أنا جعان مكلتش بقالي مدة … إديني أي حاجة عشان آكل”.

بدأ الهدوء يظهر على وجه هذا الرجل المسكين وأقبل نحوها، ووقف تحت شرفتها منتظرًا أي شئ ليأكل، أما هي فقد دخلت إلى داخل شقتها وبحثت ولم تجد عندها سوى رغيف خبز واحد، وبحثت عن أي طعام فوجدت قطع قليلة من الباذنجان، فوضعتها في السلة (السَبَت) الذي عندها، وأنزلته بالحبل المربوط بها إلى الرجل الذي فرح جدًا وشكرها، وأخذ الطعام وجلس على رصيف الشارع ليأكل، ثم رفع عينيه نحو المُسِنة الكريمة وقال لها بدالة:

  • “هو ممكن تعمليلي كُباية شاي كمان؟”
  • فقالت له: “على ما تأكل هكون عملتلك كُباية الشاي”.

دخلت إلى شقتها، وأعَدَّت كوب الشاي ووضعته في كوز وأنزلته للرجل في السَبَت، فأخذ الكوب وشكرها وجلس يشرب الشاي، ثم أعاد إليها الكوب وانصرف فرحًا شاكرًا الله.

دخلت المرأة إلى شقتها، وهي تعلم أن ليس عندها أي خبز للعشاء أو إفطار الصباح التالي، ولكنها قالت في نفسها: “ربنا يبعت بكره الصبح”.

لم تمضِ إلا ساعة، وكان الوقت أصبح متأخرًا في الليل، فوجدت طرقًا على باب شقتها، فقامت وهي متعجبة لتسأل: “مَن خارج الباب؟”

فرَدَّت عليها سيدة وقالت لها أنا فلانة، وهي خادمة بالكنيسة تعرف هذه المُسِنة، وكانت تزورها من حين إلى آخر. وقالت لها الخادمة: “إفتحي الباب”.

فتحت المُسِنة الكريمة باب الشقة لتجد الخادمة تعطيها بضعة أرغفة وبعض الأطعمة وقالت لها:

  • “أنا كنت في السوق باشتري حاجات، ولقيت صوت في داخلي بيقول لي إني أجيب الحاجات ديه ليكي وأوصلهالك دلوقتي، فحسيت إن ده صوت من ربنا. إتفضلي”.

تعجبت المُسِنة جدًا لِما حدث، وشكرت الله الذي يعطي بسخاء لأولاده، وأنه لم ينتظر إلى الصباح بل أعطاها سريعًا أكثر من احتياجها، وشكرت الخادمة جدًا على محبتها وتعبها.

إن العطاء ليس مبنيًا على كثرة ما تمتلكه، ولكن على مقدار المحبة التي في قلبك ومدى إحساسك بمن حولك، والله يفرح بعطائك حتى لو كان قليلاً ولكنه نابع من حب كبير في قلبك. إن هذا هو أعظم عطاء في نظر الله لأنه عطاء من الإعواز.

كن سخيًا في عطائك، واستمع إلى احتياجات الآخرين وحاول تلبيتها قدر ما تستطيع، فأنت تعطي المسيح في شخص المحتاجين. ما أجمل أن تعيد الابتسامة في وجوه الحزانى، المتعبين، والمحتاجين بكل نوع، وثق أن الله لن يتركك بل يباركك ويكافئك فوق ما تتوقع.

تدبيرك فاق العقول: الجزء السادس.

من فوق قوي !!

كان أحد الخدام يعمل صباحًا موظفًا في أحد البنوك، ثم يرجع إلى بيته وقت الظهر ليستريح قليلاً ويأكل طعام الغذاء، ثم يقضي كل وقته بعد الظهر حتى المساء في الخدمة والافتقاد.

وفجأة طلبه أحد مديري البنك ليعمل معه في إدارته، وكان الخادم يعرف هذا المدير ونظامه، فهو يضيع الوقت بالنهار حتى يعمل وقت إضافي حتى الساعة التاسعة مساءً ليأخذ أجر إضافي هو وموظفيه.

فكر الخادم في نفسه أنه لو تم نقله للعمل مع هذا المدير سيضطر لترك كل خدمته، فشكر المدير على ثقته فيه واعتذر بأدب قائلاً أنه مرتاح لعمله ولا يريد النقل.

أما هذا المدير فلم يسكت، بل دخل للمدير العام وأقنعه باحتياجه لهذا الموظف وأخذ موافقته، فذهب للخادم وأبلغه قائلاً: “أنا جبتها لك من فوق …. بكره تيجي تستلم شغلك الجديد”.

لم يكن أمام الخادم إلا الصلاة، وفعلاً صلى لله: “إنت عارف يارب إن وقتي كله للخدمة، ولكن سأضطر أسيب الخدمة بسبب السهر كل يوم في البنك …. إتصرف إنت يارب لأني مقدرش أعمل حاجة”.

ذهب الخادم في اليوم التالي ليستلم عمله الجديد، وفوجئ أن هناك منشور من وزير المالية بمنع السهر تمامًا في البنوك !!!

فرفع عينيه وقلبه بالشكر لله، فقد جاءت الاستجابة “من فوق …. من فوق قوي!!!”.

قصة واقعية من مجلة: صوت الراعي، عدد أغسطس 2006.

اية للحفظ

  • “أعطوا ما عندكم صدقة فهوذا كل شيء يكون نقيًا لكم” (لو11: 41)