في الكهف

في عصر نيرون لجأت إحدى العائلات إلى أحد الكهوف لتختبئ فيه، كان الكهف معروف لدى الجنود الرومان وهم لم يعلموا بذلك.

لم تمضِ بضعة أيام حتى داهمت ذلك الكهف كتيبة من الرومان بحثًا عمَّن فيه. ولدى دخولهم بمشاعلهم المضيئة وهم يسيرون بخطوات ثقيلة، حدثت زلزلة في ذلك الجبل، وابتدأت الأرض تهتز والتراب يتساقط من كل نحو. هبَّ الجنود هرعًا إلى خارج الكهف بغية إنقاذ حياتهم، لكن في أثناء ذلك تعثَّر أحدهم هاويًا إلى أسفل الكهف، حيث لم يكن نور.

توقف للحظة بعض الجنود، لكنهم عندما أدركوا عمق الحفرة وما يحدث في ذلك الكهف، إذ كانت الحجارة تتساقط، إنصاعوا إلى أوامر قائدهم وتركوا رفيقهم، إذ ليس هناك أمل في إنقاذه، بينما هو يصرخ طالبًا المعونة.

رجع الهدوء إلى الكهف، ولم يزل ذلك الجندي الروماني في قعر الحفرة. وفجأة سمع صوت دعسات خفيفة من فوق، فابتدأ من جديد ينادي طالبًا المساعدة. لم يكن يعلم بأن الذي فوق هو نفس تلك العائلة المسيحية التي جاء هو للقبض عليها وقتلها. فهل يمدون يد المساعدة لمن جاء ليقتلهم؟

مرَّت أمام عينيَّ ذلك الأب تخيلات ومشاهد كثيرة، فلم يخفَ عليه معرفة قلوب هؤلاء الجنود القساة، ولا كيف كانوا يرمون أطفال المسيحيين للحيوانات المفترسة. لكنه تذكَّر أيضًا قول الرب يسوع “أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم”. ومن ثمَّ طلب من زوجته حبلاً، ثم أنزل ذلك الحبل إلى ذلك الجندي، وابتدأ الجميع معًا في رفع الجندي من الحفرة.

ابتدأ قلب ذلك الأب وزوجته يطرقان بسرعة، فها ملامح ذلك الجندي تتضح لديهم، نعم ها هو بعينه. لقد رأوه سابقًا يسوق رفقائهم، مقتادًا إياهم إلى الموت، وها هم الآن ينقذون حياته.

ما أن صعد ذلك الجندي من الحفرة، حتى أخذ النور من يد ذلك الرجل، ثم سأله قائلاً:

  • “ما الذي جعلك تنقذ حياتي، واضعًا نفسك وعائلتك في هذا الخطر العظيم؟ لقد تخلى عني رئيس الفرقة مع أنني خدمته بأمانة كل هذه السنين الطويلة، ولم أعصَ أوامره ولا مرة واحدة. أما أنتَ، مع أني جئت لألقي القبض عليك لكي أقتلك، وها أنت تخاطر بحياتك وبحياة عائلتك لكي تنقذني!”

أجابته زوجة الرجل:

  • لم يكن الأمر بهذه السهولة، لكن الرب يسوع المسيح أوصانا بأن نحب الذي يسيئون إلينا، ولم نستطع أن نراك تتألم من دون أن نساعدك، وهو يحبك أنت أيضًا، ويريدك أيضًا أن تفعل هكذا”.

ثم دعوه أن يأكل معهم. قبل الأكل رفع ذلك الأب يديه، وشكر الله لأنه حافظ عليهم، وشكر الله أيضًا لأنه أنقذ ذلك الجندي.

ما أن انتهى ذلك الأب من الصلاة حتى سأله الجندي:

  • “وهل يقبل المسيح شخصًا مثلي لكي يكون من أتباعه”؟ … وصار مسيحيًا.

كتاب: المحبة لا تسقط أبدًا – المحبة تستر.

أين يُبنى بيت الرب؟

قيل إن أخًا تطلع إلى وفرة حصاده فشكر اللَّه على عطاياه، ثم قال في نفسه: “إن أخي المتزوج هو أكثر احتياجًا مني إلى هذا الحصاد، أحمل إليه مما وهبني إلهي… أعطيه مما ليس هو ملكي!” وبالفعل حمل بعضًا مما لديه وذهب إلى حيث حصاد أخيه ووضعه هناك.

شعر الأخ بفرح شديد وسعادة داخلية، فقرر أن يكرر الأمر في الليلة التالية، وبالفعل عاد متهللاً كأنه في السماء! كرر الأمر للمرة الرابعة والخامسة… وكان حصاده لا ينقص بل يزيد!

في إحدى الليالي إذ كان يحمل مما لديه منطلقًا إلى حيث مخزن أخيه وهو يسبح اللَّه فرحًا رأى شبحًا وسط الظلام: رأى إنسانًا يحمل أيضًا محصولاً… يقترب منه. إنه أخوه!

ألقى الاثنان ما يحملانهما وتعانقا… لقد اكتشفا أن كل منهما كان يحمل مما لديه لأخيه، حاسبًا أنه أكثر احتياجًا منه!

     هنا التقى القلبان الملتهبان حبًا، الشاكران للَّه والمسبحان له…

     في هذا الموقع بُني هيكل سليمان كما جاء في التقليد اليهود!

     أتريد أن تساهم في بيت الرب؟ … أتريد أن تبني بيت الرب؟

قدّم حبًا لأخيك، إحمل إليه حياتك مبذولة لأجله، فيقبل اللَّه عبادتك، وتسابيحك، وتشكراتك، ويقيم ملكوته في داخلك (لو21:17)، ويعلن سمواته فيك، وتحمل شركة الطبيعة الإلهية (2بط4:1)، أي شركة سمة حب اللَّه الفائق للبشرية، وتتمتع بشركة السمائيين الذين لغتهم الحب والفرح والتسبيح غير المنقطع!

حيث يوجد الحب الأخوي الصادق يقيم الرب بيته الخفي، ويعلن مجده، وتصير للرب المسكونة كلها!

يتهلل قلبنا مع إنشاء كنيسة جديدة، مقدمًا الشكر للَّه الذي يقبل أن يقيم له بيتًا، يعلن عن سكني اللَّه وسط شعبه، فيتطلع بروح الرب إلى الأعماق مشتاقًا أن يتجدد كل يومٍ، بكونه هيكل اللَّه وروح اللَّه يسكن فيه (1كو16:3).

قصة من التقليد من كتاب: “قصص قصيرة للفتيان”.

اية للحفظ

  • “من قال أنه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة” (1يو2: 9)