هاطلع حرامي على آخر الزمن؟
حدثت هذه القصة الغريبة مع أبينا إبراهيم، الذي يخدم كنيسة العذراء بجبل أسيوط، وكانت هذه الكنيسة قديمة بل وبدأت تتهدم منها بعض الأجزاء وتحتاج إلى ترميم.
صلى أبونا إبراهيم وأعلن للشعب حاجة الكنيسة إلى الترميم، وشجعهم للتبرع للمحافظة على الكنيسة ومبانيها. وبدأ الشعب يتعاطف ويقدم ما يستطيع، وخرج أيضا أبونا ليزور بعض البيوت ليشجعهم على التبرع للكنيسة.
وفي نهاية دورته، جلس بأحد البيوت لينظم الأوراق المالية التي معه، وكان ذلك في بيت دور أرضي. وكانت جلسته بجوار نافذة، وأخرج الكيس الأخضر الذي به النقود وأخذ يرتبها. وفيما هو يفعل هذا شعر بحركة خلفه، فنظر من النافذة فوجد شخصًا يراقبه باهتمام، وعندما نظر إليه أبونا أسرع مبتعدًا، فجمع أبونا الأوراق المالية ونظمها ووضعها في الكيس الأخضر، وقام ليلحق بالقطار الذي يوصله إلى بلده، التي يقيم فيها والتي تبعد قليلاً عن الكنيسة.
وفي القطار فوجئ أبونا وهو جالس، أن أحد الركاب يصرخ ويقول:
- “لقد سُرِقَت الأموال التي معي … لقد كان معي مبلغ كبير، ولكني وضعته في كيس أخضر، وأعرف أرقام بعض الأوراق المالية التي في الكيس … أرجوكم ابحثوا معي عن الكيس الاخضر … فتشوا الركاب أرجوكم”.
إنتبه أبونا أن هذا الرجل قد يكون حرامي، وأنه هو الذي كان يراقبه من النافذة عندما كان جالسًا في البيت يرتب الأوراق المالية التي معه، ولعله التقط رقم أحد الأوراق المالية، فعندما سمع الرجل يقول الكيس الأخضر رفع أبونا عينيه نحو السماء، وعاتب العذراء التي تركته، وطلب من الله أن ينقذه. وقال بالحرف الواحد:
- “هاطلع حرامي على آخر الزمن؟!”
وأتت لأبينا فكرة أن يتخلص من الأموال التي معه لئلا يقبضوا عليه، ويُلقَى في السجن وهو بريء، وقال:
- “معلش يارب أنا هارمي فلوسك في النيل لأني مش عارف أعمل حاجة تاني”.
وكان القطار يمر بجوار النيل، فأسرع أبونا وألقى الكيس الأخضر في النيل.
بدأ تفتيش كل ركاب القطار ولم يجدوا الأموال مع الركاب.
وصل أبونا إلى محطة بلدته، ونزل وذهب إلى بيته، وكان حزينًا لفقدان كل ما جمعه لترميم الكنيسة. وعندما دخل بيته لاحظت زوجته هذا الحزن فسألته، وحكى لها كل ما حدث، فطيَّبت خاطره وشجعته أنه معذور، وأن الله لن يتركه ولن يترك كنيسته.
وقف أبونا للصلاة واعتذر ثانية لله لتخلصه وفقدانه أموال الكنيسة، وطلب منه أن يسنده حتى يرمم كنيسته، وطلب شفاعة العذراء لتسنده في هذه الأزمة.
بعد الصلاة فيما كان أبونا إبراهيم جالسًا، سمع طرقًا على باب بيته، فأسرعت زوجته لتفتح فوجدت رجلاً يقول لها:
- “أنا فلان الصياد وأبونا عارفني. أنا عايز أقابل أبونا علشان أديله هدية”.
سمع أبونا وقال له:
- “أدخل يا فلان”.
دخل الصياد وقال لأبينا:
- “أنا كنت باصطاد النهارده، وفوجئت بسمكة كبيرة اصطدتها، وقلت في نفسي محدش هياكلها غير أبونا إبراهيم فجبتها لك. أرجوك تقبلها”.
فشكره أبونا جدًا وانصرف الصياد.
أخذت زوجة أبونا السمكة الكبيرة إلى المطبخ لتعدها ليأكلا منها، وشعرا بتعزية لطيفة من الله الذي أرسل لهما هذه السمكة ليأكلا منها. وفتحت الزوجة فم السمكة وهي تعدها، وهنا صرخت:
- “إلحقني يا أبونا … إلحقني يا أبونا …”
أسرع أبونا إلى المطبخ ليرى السمكة الكبيرة وفي داخلها شئ أخضر، فمد يده فأخرج كيس أخضر، ووجد به كل الأموال التي كانت معه ووضعها في هذا الكيس.
كانت المفاجأة مذهلة لأبينا وزوجته، ووقفا يصليان ويشكران الله على محبته التـي أنقذت أبونا من خطر القبض عليه، وحفظت أيضًا أموال الكنيسة وعادت إلى أبينا ليرمم الكنيسة، وشكرا العذراء التي اهتمت بكنيستها.
إن كنت تسير مع الله، وإن كنت تخدمه بأمانة، فثق أنه يرعاك ويحفظك في كل طرقك، وينقذك من شباك العدو الشيطان، ويخرجك من كل الضيقات.
إن بركة أمنا العذراء معك، إن كنت تطلبها، وهي تعمل بشفاعتها ما يفوق عقلك. إن محبتها ومحبة المسيح لك تجتذبك لأحضان المسيح لتشكره كل حين وتحيا له وتتمتع بعشرته.
تدبيرك فاق العقول: الجزء السابع.
اية للحفظ