أصلَّي ولا عيالي يجوعوا؟

عاش هذا الرجل مع الله وأحب الكنيسة، تخرج من كلية الهندسة وعمل كمهندس، وارتبط بفتاة محبة للمسيح، وعاشا حياة نقية مملوءة بالتقوى، ورزقهما الله ثلاثة بنين وأربع بنات.

كان هذا المهندس محبًا للكنيسة والقداسات، التي كانت يوم الأحد فقط، ثم أضيف لها مع الوقت يوم الجمعة، ثم في النصف الثاني من القرن العشرين أيام البابا كيرلس السادس أضيف إليها يوم الأربعاء. وكان الرجل حريصًا على حضور القداس كل أسبوع يوم الأحد.

في حياته الخاصة، كان يتمتع بصلوات الأجبية ويصليها كلها، ويفرح بالكلام مع الله، ويقرأ الكتاب المقدس باهتمام. وعندما يذهب إلى القداس كان يحرص على قراءة كل قراءات الكتاب المقدس التي ستُقرأ في القداس، لذا كان يستيقظ مبكرًا ليتمم صلواته وقراءاته ويصل إلى الكنيسة قبل حضور الكاهن.

لم يكن هذا الرجل خادمًا، إذ كانت الخدمة في النصف الأول من القرن العشرين محدودة وقليلة، ولكنه كان محبًا لله وهو أساس حياته، وساعده هذا الحب أن يحب من حوله ويضحي لأجل سعادة الآخرين، ليس فقط زوجته وأولاده بل كل أحبائه.

وقد كان لهذا الرجل أخ لم يتمتع بنعمة التعليم والالتحاق بالكليات، وعاش في القرية يعمل بالزراعة في الأرض التي كان الوالد يمتلكها. وبعد وفاة الوالد، تنازل المهندس عن ميراثه لأخيه الذي كان يعيش في البلد بالصعيد، مكتفيًا بعمله الذي كان يعمل فيه بالقاهرة وترك الأرض لأخيه.

كانت الأبدية هي هدف هذا الرجل، لذا كان يُذَكِّر نفسه بالموت حتى لا يتعلق بشهوات العالم، وحتى يتشجع بالتمسك بقوانينه الروحية، ولذا كان يُعَلِّق على باب حجرته مفتاح المدفن حتى لا ينسى الموت أو ينشغل في دوامة الحياة، بل يسعى نحو الله وينمو في محبته دائمًا.

ظل هذا الرجل مواظبًا على صلوات القداس، رغم أن المسئولين في العمل كانوا يتضايقون بسبب تأخره عن العمل في يوم الأحد، فكان يعتذر لأنه كان يصلي القداس.

مَرَّت بالرجل أزمة، وهي أوامر صدرت له من العمل بعدم التأخير يوم الأحد وإلا يُعرِّض نفسه ليس فقط لعقوبة بل سيستغنون عنه ويترك عمله، وحاول الرجل إقناع المسئولين فلم يفلح، وأخذ يصلي كثيرًا خاصة أنه المصدر الوحيد للحصول على المال ليعول أسرته، إذ أن زوجته لا تعمل وله سبعة بنين وبنات.

وبعد صلوات كثيرة، شعر أنه لا يستطيع أن يستغني عن حضور القداس، فذهب إلى الكنيسة وتناول من الأسرار المقدسة، وخسر بهذا عمله متكلاً على الله القادر أن يعوله ويرسل له عملاً جديدًا.

إرتفعت الصلوات في البيت كله ليتدخل الله ويعولهم ويرسل عملاً لرب الأسرة، ولم تمضِ إلا فترة قصيرة جدًا وهي أسبوع وحصل الرجل على وظيفة مهندس بمطار القاهرة. فشكر الله جدًا وواصل حياته الروحية ومواظبته على القداس الإلهي.

عاش الرجل كل حياته يتمتع بصلواته في البيت وفي الكنيسة. وفي أحد الأيام، ذهب إلى القداس الإلهي، وفيما هو يصلي شعر بضعف وتعب، فحاول أن يصمد ولم يقبل أن يشرب رغم شعوره بالتعب الشديد، حتى اضطروا إلى نقله إلى منزله القريب من الكنيسة، وفي بيته ارتفعت روحه إلى السماء ليستكمل صلواته ويتمتع إلى الأبد بالوجود مع المسيح.

تمسَّك بصلواتك بالقداس الإلهي، واشترك مع الشمامسة في ترديد المردات، لتشعر بحضرة الله الموجود على المذبح حتى تتأهل للنهاية للتناول من جسده ودمه.

وعلى قدر تمسُّكك بالقداس الإلهي، قبل أي شئ في حياتك، ستشعر بنعمة الله الفائقة وبركات لا تحصى في حياتك، فعلى قدر إيمانك ستتمتع بنعمته العظيمة، بل تتذوق حلاوة الملكوت وأنت على الأرض، فتحيا مطمئنًا فرحًا كل أيامك.

تدبيرك فاق العقول: الجزء السابع.

إحنا اللي بنمنع أعمالهم الحلوة

كان الجنايني المُكَلَّف برعاية حديقة البطريركية بالإسكندرية رجلاً تقيًا يسقي الجنينة ليلاً، وكان يرى مارمرقس يدور بالشورية حول الكنيسة كل ليلة.

وفي إحدى الليالي لم يرىَ مارمرقس، فحزن جدًا وظل يرتل ويصلي ولكنه لم يظهر.

تكرر الأمر الليلة الثانية والثالثة، فذهب إلى البابا كيرلس الخامس وشكى له حاله فقال له: “إستمر في الصلاة والله يدبر الأمر”.

سأل البابا عن أحوال الكنيسة، فعلم بالفحص أن كاهنيّ الكنيسة متنازعان ومتخاصمان منذ أيام، فاستدعاهما وأصلح بينهما ثم استدعى الجنايني بعد ذلك، وعلم أن مارمرقس عاد للظهور أمامه.

محبة القديسين لنا كبيرة جدًا ويشتاقون لمشاركتنا إياهم في الصلوات، ولكن إبليس يستطيع أن يحرمنا من علاقتنا بالله والسمائيين إن وضع الغضب في قلوبنا، ثم يحاول زيادته فيحدث مشاكل لا تنتهي.

الحل السريع والوحيد هو المحبة المصحوبة بالاتضاع، فيفقد الشيطان قدرته وسلطانه أمامها وبهذه المحبة نحو بعضنا البعض نستعيد علاقتنا بالله ونتمتع بتعزياته وتشجيعاته.

إحترس من المناقشات العقلية التي تفقدك سلامك مهما كان رأيك سليمًا، فالمحبة أهم من أي شئ آخر حتى لو استدعت التنازل عن كل حقوقك، مثل مسيحك الذي تنازل عن كل شئ ومات على الصليب من أجلك.

أسرع إلى الاعتذار حتى لو كان خطأك تافهًا واهرب من الغضب ولا تنهي مناقشاتك إلا بالود والمحبة مهما كان اختلاف الرأي.

قصة واقعية من كتاب: “معًا كل يوم”: الجزء الأول.

اية للحفظ

“كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله” (مز42: 1)