تعالَ تَعَشَى معي

دخل هذا الطبيب الكاتدرائية القديمة بالفجالة للصلاة في ليلة العيد، وعند دخوله لاحظ أن فراش الكنيسة يمنع رجلاً فقيرًا يلبس ملابس مهلهلة عن الدخول إلى الكنيسة، إذ خشى أن يكون مندسًا ليسرق أي شئ. كما أنه بمنظره وملابسه تلك غير مناسب تواجده في هذا اليوم العظيم.

أشفق الطبيب على هذا الفقير وطلب من الفراش أن يتركه يدخل ويصلي، واحترامًا للطبيب الذي يعرفه الفراش جيدًا سمح للفقير أن يدخل، على أن يجلس في نهاية الكنيسة.

راقب الطبيب الرجل الفقير وهو يجلس بخشوع واتضاع واضح، مشاركًا في صلوات القداس بكل تركيز واهتمام، ولم يتحرك من مكانه طوال الصلاة.

وفي نهاية القداس إنصرف الناس فرحين وأما الطبيب فقد استرعى انتباهه هذا الفقير، إذ شعر بروحانيته وأن فيه شيئًا متميزًا. ولاحظ أيضًا أنه قد بقي في مكانه حتى انصرف معظم الناس، فاقترب منه الطبيب وقال له: “أين أنتَ ذاهب الآن؟”

فأجاب الفقير بخجل: “ليس لي مكان لأذهب إليه لأني غريب.”

فقال الطبيب: “وكيف ستقضي ليلة العيد؟” ثم أردف قائلاً: “هل يمكن أن تأكل معي لقمة صغيرة في بيتي؟”

وافق الفقير وانصرف مع الطبيب إلى بيته، ولما دخل أسرع الطبيب ليعيّد على زوجته ويخبرها بوجود هذا الضيف معه. فلما رأته بثيابه المهلهلة القذرة إعترضت بشدة على استقباله في بيتها، وطلبت من زوجها أن يطرده بسرعة فقد يكون سارقًا أو على الأقل سيفسد المكان بثيابه القذرة.

حاول الطبيب إقناع زوجته التي أصرَّت على الرفض، وأمام إعتراضها قال لها: “إن خرج هذا الرجل سأخرج لأتعشى معه”، وأخذ بعض الطعام المعد لليلة العيد وخرج مع هذا الفقير ليذهبا إلى عيادته في الشقة المقابلة لسكنه.

إعتذر الطبيب للرجل عن عدم استقباله في بيته، ولكن الفقير طيب خاطر الطبيب واعتذر على العكس أنه سبَّب متاعب له.

في العيادة جلس الإثنان، وبعد أن وضع الطبيب الطعام أمامهما، مدَّ الفقير يده وبارك الطعام بعلامة الصليب، وأمسك بجزء من الطعام فظهر أثر جرح عميق في يده عند نهاية كفه، ثم اختفى من أمامه.

إعترى الطبيب خوف وفرح عظيم إذ فهم أنه استضاف المسيح نفسه ورأى أثر المسامير في يده، فصلى صلاة عميقة وشكر الله الذي أنعم عليه برؤيته في شكل هذا الفقير.

قصة واقعية من كتاب: “كيف أرى الله“.

حريص جدًا

كان رجلاً مسنًا ضعيف الجسد يمشي ببطء شديد ولكنه كان حريصًا على حضور القداسات، ومن فرط تعبه لم يكن قادرًا على الصعود إلى الهيكل للتناول، فكان الكاهن بعد مناولة الشعب ينزل إليه ليناوله.

تكرر هذا المنظر الذي يظهر فيه محبة عم فريد بشاي للكنيسة وحرصه على التناول من الأسرار المقدسة، وكان التساؤل في ذهن الكهنة: أليس هذا أحق من غيره أن يذهب إليه الكاهن ليناوله في بيته؟ ولكنه كان متمسكًا أن يأتي بنفسه إلى الكنيسة ليحضر القداس وينال بركة المكان المقدس مهما كلفه ذلك من عناء.

كان عم فريد بشاي علامة واضحة لابد أن تراه في مكانه المعروف وراء العامود.

وفي أحد القداسات لاحظ الكاهن عدم وجوده ولم ينبهه الشماس حتى ينزل ليناوله، فتعجب وسأل عليه فلم يعرف أحد أخباره. وبعد ذلك أتي شخص وأخبره بانتقاله إلى السماء، ودعاه لصلاة الثالث. وكانت المفاجأة أنه عندما ذهب الكاهن ليصلي وجد مسكن عم فريد بشاي في الدور الخامس، وأنه كان يستغرق حوالي ساعتين للصعود إلى شقته وحوالي ساعة ونصف للنزول نظرًا لضعفه الجسدي الشديد !!

كم هو غالي جدًا عند الله جهاد هذا الرجل العظيم الذي قدم من إعواز صحته لله، أما نحن يا أخي فقد نتكاسل عن حضور الكنيسة أو الإجتماعات الروحية رغم تمتعنا بصحة أقوى منه بكثير. إن كل خطوة تخطوها نحو الكنيسة يهتم بها الله ليجازيك عليها علانية أمام كل المؤمنين في ملكوت السموات.

قصة واقعية من كتاب: “تدبيرك فاق العقول: قصص واقعية معاصرة”.

اية للحفظ

من يسد أذنيه عن صراخ المسكين فهو أيضًا يصرخ ولا يُستَجاب (أم21: 13)

“مساكنك محبوبة يارب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب(مز83{84}: 1-2)