طاقية وجلابية

كان عم رشدي نجارًا بسيطًا في إحدى قرى قنا، وكان يعمل عمله ويهتم بصلواته وقراءاته في الكتاب المقدس، وكل ما يتبقى عنه يعطيه للمحتاجين.

كانت زوجته تجيد الخياطة، وكلما تصنع له طاقية وجلابية يعطيها للمحتاجين، فتذمرت عليه لكثرة عطاياه، فكان يقول لها:

+ “أنا أرسلتهم قدامي للسماء”.

ظل طوال حياته يهتم بعمل الرحمة، ولما مات ووضعوه في الصندوق، تحرك وقام وجلس بينهم وقال لهم:

+ “لا تخافوا سأعيش معكم ثلاثة أيام أيضًا”!

وقصَّ عليهم كيف أنه مات وصعدت روحه إلى السماء فسجد أمام رب المجد الذي رحب به وقال له:

+ “أنا فرحان بمساعدتك للمحتاجين”، وأمر الملائكة أن يعلموه ترنيمة جديدة فتعلمها وفرح بها.

ثم أخذوه ليتعرف ويأخذ بركة الشهداء والقديسين الذين سبقوه، ثم قال له السيد المسيح:

+ “ستعود إلى الأرض مرة ثانية”، فقال له:

+ “لماذا يا رب؟ أنا أريد أن أبقى في السماء الحلوة”، فقال له السيد المسيح:

+ “ستبقى ثلاثة أيام فقط لِتُعرِّف الناس أهمية عمل الرحمة ومخافتي وحفظ وصاياي لينالوا مكانًا عظيمًا في السماء”.

 +++

المحتاج يشعر بالضيق والظلم لأن غيره عنده، أما هو فليس عنده. وقد يتعرض للغيرة والحسد والتذمر وقد يحاربه الإحباط واليأس، لذا فتقديم محبتك له ينجيه من كل هذه ويُظهِر له المسيح الذي يحبه.

عمل الرحمة ليس فقط عطفًا على الآخرين ولكنه يشركك معهم، إذ تشعر بمتاعبهم فتشكر الله على عطاياه لك وتعلم أن تضبط نفسك في استخدامك لماديات العالم، وتتضع محتملاً الإهانات مثل إخوتك المحتاجين فتنصلح حياتك الروحية، وتتغلب على خطاياك وتكون أهلاً لسكنى السماء.

قصة واقعية من كتاب تدبيرك فاق العقول: الجزء الخامس.

عايزة أتناول

وصلت هذه السيدة الفقيرة إلى كنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا متأخرة، فمنعها أبونا من التناول لعدم حضورها القداس، فحزنت جدًا لأنها كانت مشتاقة للتناول وجلست في أحد أركان الكنيسة تبكي حتى نامت.

بعد مدة استيقظت من نومها فوجدت قداسًا آخر ومجموعة من الكهنة تصلي وليس في الكنيسة أي فرد من الشعب، فأسرعت في بساطة إلى حجرة المناولة وسألت أحد الكهنة الموجودين في الهيكل:

+ “هل يمكن أن أتناول؟”

فأجاب الكاهن: “نعم”.

وحضرت هذا القداس الثاني وفي نهايته تناولت من الأسرار المقدسة وحدها مع الكهنة الذين صلوا القداس.

وبعد انتهاءه خرجت فرحة فوجدت أبواب الكنيسة مغلقة، فأخذت تطرق الباب حتى فتح لها الفراش الذي تعجب من وجودها داخل الكنيسة. فقالت له:

+ “أنا كنت حاضرة القداس الثاني”. فقال لها:

+ “لم يكن هناك إلا قداس واحد”.

حضر الكاهن وفهم أنها حضرت قداسًا مع الآباء السواح، خاصة عندما دخل الكنيسة ووجد الأواني والمذبح الجانبي مبللاً بالماء.

+++

الله مشتاق إليك وينتظر تجاوبك معه، فإن وجد اهتمام في قلبك وسعيًا نحوه يفرح جدًا ويكمل نقصانك ويفيض عليك بنعمة.

تقدم لله في الصلاة حتى لو كنت متعبًا أو فاترًا، وحتى لو حاربك الملل فقف للصلاة واطلب معونته، ولا تتهاون في الحضور إلى الكنيسة مبكرًا وإن تأخرت ستنال بركة الصلاة ثم تحضر في أقرب وقت وتتناول من الأسرار المقدسة.

حوِّل اشتياقاتك إلى أعمال ولو صغيرة واهتم أن تعِّود نفسك على الصلاة والقراءة كل يوم، وعلى عادات روحية كثيرة لتثبت فيها مهما كانت الظروف.

قصة واقعية من كتاب: “معًا كل يوم”: الجزء الثاني

اية للحفظ

✝ ” تَوِّبْنِي فَأَتُوبَ لأَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ إِلَهِي” (إر31: 18)