قوم صلي يا جدو

الخواجة متى هو جد أمنا إيريني، الرئيسة الراحلة لدير أبي سيفين.

كان يعيش في جرجا وكان إنسان تقي يجمع كل أفراد العائلة يوميًا لصلاة الغروب والنوم، ثم يقرأ إصحاح من الكتاب المقدس ويتأمل فيه، ويحكي حكاية أو إثنين قبل الذهاب للنوم. وكان يقضي فترة الصوم الكبير في الكنيسة ويظل واقفًا على العكاز يصلي حتى وهو في سن متقدمة.

وكان من عادته أن يستريح على دكة في فناء الكنيسة، وكثيرًا ما كان يأتي إليه طفل صغير في أحد أذنيه حلقة ويجذبه من طرف ردائه ويقول له:

  • “قوم يا جدو صلي … قوم صلي يا جدو”.

وظل هذا الطفل لمدة عامين يحث الخواجة متى على القيام للصلاة.

وذات يوم كان الخواجة متى متعب وجاء الصبي ليوقظه بنفس الطريقة. فقال لنفسه:

  • “أنا لازم أمسك الولد ده وأعرف هو إبن مين”.

فأسرع الخواجة متى وراء الطفل الذي دخل إلى الكنيسة ثم إلى الهيكل واختفى. فانتظر عم متى خروجه من الهيكل، ولكنه لم يخرج.

فوجد عم متى الأب الكاهن في صحن الكنيسة وسأله:

  • “من هو الطفل الصغير الذي يأتي إلى الكنيسة باستمرار وفي أحد أذنيه حلقة؟”

فقال له أبونا:

  • “إنه الشهيد كيرياكوس الشهير بأبي حلقة”.

وهنا جلس عم متى يبكي ويقول:

  • “سامحني يا شهيد الرب”، وصام وصلى ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع عاد وظهر له وقال له:

  • “قوم صلي يا جدو”.

فقال له:

  • “سامحني يا شهيد الرب، أنا جريت وراءك … سامحني”.

أجابه الشهيد: “أنا مسامحك يا جدو”. وظل يظهر له يوميًا إلى يوم انتقاله وكانت له علاقة قوية معه، فكان يطلب منه الصلاة من أجل أناس مرضى كثيرين، فكان يجيب عليه في اليوم التالي بأن هذا المريض سيشفى أو ذاك سيسافر إلى السماء، ويطيِّب خاطره ويؤكد له أنها إرادة ربنا.

قصة واقعية سجلت في كتاب سيرة تاماف إيريني.

العيش البتاو

عم بشارة – والد المتنيح نيافة الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف السابق الذي تنيح منذ سنوات قليلة – كان مشهورًا بالكرم.

وفي أحد الأيام لاحظ وجود بعض الشباب المستهتر قريبًا من بيته، فدعاهم بمحبته ليأكلوا عنده.

قال الشباب لبعضهم البعض: “ماذا سيعطينا لنأكل؟” وقال البعض الآخر: “إن كان مشهورًا بالكرم فلندخل ونأكل ما يقدمه لنا ثم نطلب ثانية وثالثة حتى يفرغ ما عنده ونحرجه”!

إستمر عم بشارة يرحب بهم ويدعوهم للطعام، فدخلوا وأحضر لهم جبنًا وعيش بتَّاو.

إندفع الشباب يلتهمون الطعام بسرعة، ولكن الطعام لم ينتهي. فنظروا إلى بعضهم البعض ليسرعوا إلى إنهائه واستمروا يأكلون ويأكلون حتى امتلأت بطونهم تمامًا، وكانوا ينظرون إلى عم بشارة ليطلبوا منه طعامًا آخر، ولكن الطعام لم يفرغ!

نظر بعضهم لبعض باندهاش، ثم إلى عم بشارة بخجل وقال واحد منهم له: “سأعترف لك بما قصدناه، لقد قلنا في أنفسنا أننا سنأكل ونطلب منك طعامًا ثم طعامًا حتى ننهي ما في البيت ونحرجك. ولكن كيف لم يفرغ الطعام؟”

أجاب عم بشارة بهدوء: “قلت يارب بارك في الطعام، فباركه ولم يفرغ”.

+ لا تتضايق إن ارتفعت الأسعار وشعرت أن ما معك من المال قليل لأن بركة الله لأولاده عظيمة جدًا، وهي نعمة تفوق كل المقاييس العقلية. آمن فقط وارفع قلبك بالصلاة، فترى عجبًا وتشعر بسلام لا يُعَبَّر عنه.

إن أزعجك البعض بقلقهم وهمهم وتشاؤمهم فلا تضطرب لأن معك قوة تغطيك وتحميك وهي بركة الله التي تحفظك في كل مكان وتبارك القليل الذي عندك وتسد احتياجك، بل تعطيك أكثر جدًا مما تطلب أو تفكر.

قصة واقعية من كتاب: “معًا كل يوم”: الجزء الأول.

اية للحفظ

“أَنَا نَائِمَةٌ وَقَلْبِي مُسْتَيْقِظٌ. صَوْتُ حَبِيبِي قَارِعاً: «اِفْتَحِي لِي يَا أُخْتِي يَا حَبِيبَتِي يَا حَمَامَتِي يَا كَامِلَتِي لأَنَّ رَأْسِي امْتَلَأَ مِنَ الطَّلِّ وَقُصَصِي مِنْ نَدَى اللَّيْلِ»” (نش5: 2)